الحج منافعه وآثاره
سادسا: منافع السعي بين الصفا والمروة
ورد في صحيح البخاري اسم> عن ابن عباس اسم> قصةَ شرعيةِ هذا السعي, وهو أن إبراهيم اسم> -عليه السلام- لما ولد له إسماعيل اسم> من جاريته هاجر اسم> التي هي أم إسماعيل, وقد كانت أمة وكانت قد وهبها ملك مصر اسم> لزوجته سارة اسم> فوهبتها لإبراهيم اسم> فولدت له إسماعيل اسم> -عليه السلام- فلما أن ولدت إسماعيل اسم> غارت سارة اسم> امرأة إبراهيم اسم> منها, فقالت: أبعدها عني, فجاء بها حتى أنزلها عند البيت اسم>
ولما تركها, ترك عندها جراب ماء, وجعلت تشرب منه, فلما أن نفد عطشت, فذهبت تطلب من يُغيثها, فعند ذلك صعدت على الصفا اسم> ونظرت, فلم تر شيئا, ثم سعت حتى وصلت إلى المروة اسم> ثم رجعت من المروة اسم> إلى الصفا اسم> حتى كملت سبعة أشواط. وبعد ذلك -بعدما أكملت سبعة الأشواط- جاءها الملك فبحث بعقبه فنبع ماء زمزم من آثاره, فقال لها: (لا تخافي, فإن هاهنا بيت الله تعالى يبنيه هذا الغلام وأبوه).
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> فلذلك سعى الناس بينهما رسم> .
ولا شك أن الصفا والمروة من شعائر الله، رأس> كما بين الله تعالى ذلك فقال : رسم> إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ قرآن> رسم> .
كما أن الله سمى مزدلفة اسم> المشعر الحرام اسم> في قوله تعالى : رسم> فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قرآن> رسم> وسمى جميع المناسك شعائر في قوله : رسم> وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ قرآن> رسم> وشعائر الله هي العلامات التي أمر بتعظيمها.
ونحن إذا سعينا بين هذين المشعرين - الصفا اسم> والمروة اسم> - فإننا نعبد الله تعالى ونعظمه؛ فلأجل ذلك فإن الذي يسعى أول ما يبدأ به ذكر الله تعالى, ثم بالتكبير, ثم بالتهليل, ثم بالتحميد, ثم بالتعظيم, ثم بقراءة القرآن : رسم> إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ قرآن> رسم> ثم بعد ذلك يبدأ في السير متوجها إلى المروة اسم> يسير أو يسعى, كل ذلك لا شك أنه عبادة وقربى, وكله ذكر لله.
وهكذا المشاعر كلها ذكر لله سبحانه وتعالى, رُوي عن عائشة اسم> -رضي الله عنها- قالت: (إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا اسم> والمروة اسم> ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله) . أي أنها كلها تذكّر بالله, وتبعث على ذكر الله سبحانه وتعالى, فالذين يطوفون في حالة طوافهم يذكرون الله, والذين يسعون في حالة سعيهم يذكرون الله, ولا يذكرون غيره, ولا يبغون سواه, ولا يضَّرَّعون إلى غيره.
ولا شك أن ذلك كله يؤكد أن هذه المشاعر أو هذه المناسك شرعت لإقامة ذكر الله, ولتجديد عبادة الله سبحانه وتعالى, ولترسيخ أصل العبادة في القلب؛ حتى يحب العبادة محبة راسخة, ومحبة ثابتة لا تتزعزع, وحتى يثبت على عبادة الله بقية حياته, ويرجع إلى بلاده وقد تأثر بهذه العبادة؛ فهذا هو السبب في شرعية هذه العبادة, وشرعية جميع العبادات.
مسألة>